Followers

Tuesday, July 21, 2020

السلام في الأفق - 70 عاماً بعد الحرب العالمية الثانية في الشرق الأوسط (41)




الفصل 5: التقويمان (الميلادي والهجري)

5-5 (41) الفلسطينيون يتخلفون عن ركب التاريخ

وقعت حوادث كبيرة متتالية في العالم الإسلامي قبل وبعد عام 1400هـ (1980م). من توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وقيام الثورة الإيرانية بقيادة آية الله الخميني عام 1979 إلى اندلاع الحرب الإيرانية العراقية وغزو الاتحاد السوفييتي لأفغانستان عام 1980. إضافة إلى اضطرابات التاريخ العالمي خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين. تم حل النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي خلال ثمانينات القرن العشرين. وقد تجلى الوضع أول الأمر في المدينة الواقعة على حدود النظامين الرأسمالي والاشتراكي. شكل سقوط جدار برلين عام 1989 وإعادة توحيد ألمانيا عام 1990 نهاية نظام الاتحاد السوفييتي. وانهار الاتحاد السوفييتي في عام 1991. لقد تمت هزيمة الاتحاد السوفييتي على يد الرأسمالية على الجبهة الأوروبية، وعلى يد الجهاد الإسلامي على جبهة آسيا الوسطى. لقد قام الاتحاد السوفييتي وليد الثورة الروسية عام 1917 بالتأكيد على أن الاشتراكية سوف تهيمن على جميع أنحاء العالم في المستقبل. إلا أن الاتحاد السوفييتي تلاشى في طيات التاريخ في غضون أقل من 80 عاماً. وقامت الولايات المتحدة التي تتصدر النظام الرأسمالي بالسيطرة على العالم.

تم نسيان القضية الفلسطينية تدريجياً في خضم اضطرابات التاريخ التي حلت على العالم والشرق الأوسط. ظلت القضية الفلسطينية القضية الأولى في الشرق الأوسط لمدة طويلة بعد الحرب العالمية الثانية. لكن الاهتمام بفلسطين تلاشى سريعاً حين قامت مصر وإسرائيل بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 ومعاهدة السلام عام 1979. وقد أدى حصول السادات وبيجن على جائزة نوبل للسلام إلى توهم الدول الغربية بأنه قد تم حل جميع المشاكل بشكل دائم. إلا أن جائزة نوبل للسلام لم تحل مشكلة احتلال اليهود لأرض فلسطين بأي شكل.

كان وعد بلفور القائم على منح الأراضي الفلسطينية لليهود يعني ثلاثة أمور للمملكة المتحدة والدول الأوروبية الأخرى. فقد كان أولاً بمثابة مكافأة لليهود الذين قاموا بدعم المملكة المتحدة مادياً في انتصارها في الحرب العالمية الأولى. وكان ثانياً كفارة الأوروبيين عن اضطهادهم التاريخي للشعب اليهودي. وثالثاً كان الحل الأمثل للتخلص من اليهود ومشاكلهم بانتقالهم من أوروبا بعيداً إلى فلسطين. لقد كان لوعد بلفور ثلاث مزايا بالنسبة للمجتمع الأوروبي.

ولكن بالنسبة للفلسطينيين لم يكن توقيع مصر وإسرائيل لمعاهدة السلام أو حصول أنور السادات ومناحم بيجن على جائزة نوبل للسلام أمراً متعلقاً بهم. فلم تكن تلك أموراً قادرة على حل أي من المشاكل على الإطلاق. لقد كان اليهود يهتفون بشعار "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض". إلا أنها كانت فكرة أنانية لأن اليهود تجاهلوا تماماً تاريخ الفلسطينيين الذين عاشوا في تلك الأرض قرابة ألفي عام بعد أن غادر الشعب اليهودي فلسطين وتشتت في مناطق مختلفة من أوروبا (التشتت الكبير).

بعد استقلال إسرائيل حارب الفلسطينيون في سبيل استعادة أراضيهم وبناء الدولة الفلسطينية. وقامت الدول العربية بدعم الفلسطينيين بشكل فعال واتجهت نحو التحرك العسكري. إلا أن حرب رمضان عام 1973 كانت الحرب الأخيرة. حيث قامت مصر بالانسحاب من الحلفاء العرب بتوقيعها معاهدة سلام ثنائية مع إسرائيل. وقد قامت الدول العربية الأخرى بإدانة مصر، إلا أنها لم تقدم أية مساعدات فعلية لفلسطين. لقد تم إهمال الفلسطينيين في خضم التغيرات التي طرأت على العالم والشرق الأوسط.

وبطبيعة الحال فقد رفض الفلسطينيون الصمت وإغفال الوضع. قامت منظمة التحرير الفلسطينية (PLO) المتمركزة في جنوب لبنان بمهاجمة إسرائيل باستمرار. ولم تتمكن الحكومة اللبنانية من السيطرة على حملة منظمة التحرير الفلسطينية العسكرية. قامت إسرائيل بشن هجوم مضاد على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في مخيم اللاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان. إلا أنه لم يكن بوسع المنظمة مضاهاة إسرائيل في العمليات العسكرية على الإطلاق. وفي عام 1982 انسحبت منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وفرت إلى تونس.

كان الفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة في وضع ميؤوس منه. ومع ذلك فإنهم لم يتخلوا عن حركة المقاومة ضد إسرائيل. لم يكن لدى الفلسطينيين سوى النذر اليسير من السلاح والذخيرة. وكانت وسيلتهم الوحيدة لإظهار إرادتهم على المقاومة هي رمي الحجارة. لقد قاموا برمي الحجارة على الجنود والدبابات الإسرائيلية التي كانت تقوم بقمع المظاهرات الفلسطينية. لم تكن هناك إمكانية للنصر. ولم تكن هناك فائدة من محاربة مثل ذلك الخصم القوي. لقد بدأت هذه الحركة للمرة الأولى عام 1987 ودعيت بالانتفاضة. وقد تعاطف الرأي العام الدولي مع صور الأخبار التي أظهرت مقاومة الفلسطينيين للاستبداد بالحجارة ومواجهة إسرائيل لهم بأحدث الأسلحة. وبدأت الانتقادات تتزايد ضد إسرائيل.


قامت النرويج بالوساطة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. وفي عام 1993 قام الطرفان بالتوقيع على اتفاقية أوسلو. لقد كان الاعتراف بحقوق الفلسطينيين المشروعة والسياسية إنجازاً تاريخياً. وقد حصل كل من ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وشيمون بيريز وزير خارجية إسرائيل وإسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل على جائزة نوبل للسلام عام 1994. إلا أن إسحاق رابين تعرض للاغتيال على يد اليهود اليمينيين في السنة التالية وانتهت اتفاقية السلام دون أن تثمر عن شيء في النهاية. كان ذلك تكراراً للكابوس الذي تم فيه اغتيال الرئيس المصري أنور السادات بعد حصوله هو ومناحم بيجن الإسرائيلي على جائزة نوبل للسلام عام 1978. فيما يتعلق بالسلام في الشرق الأوسط، فإن جائزة نوبل للسلام لم تحقق السلام الدائم في الشرق الأوسط بأي شكل من الأشكال. فهي لم تقم سوى بنشر وهم السلام في الشرق الأوسط بين شعوب الدول الغربية وبخاصة مثقفي أوروبا.

 (يتبع ----)

بقلم كازويا آريها
البريد الإلكتروني: ArehaKazuya1@gmail.com



No comments:

Post a Comment